للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هلالٍ بحسبه، ففي أوله يُقبل قول الواحد، وفي آخره لا بدّ من اثنين.

الثالث: قوله: «إنما الشهر تسع وعشرون ... » إلى قوله: «فإن غُمّ عليكم فاقدروا له»، فلولا أنه أراد التقدير له بالتسع والعشرين لم يكن لذكرها هنا معنى، بل أعْلَمهم أن الشهرَ الذي لابدّ منه تسع وعشرون، واليوم الموفّي ثلاثين قد يكون وقد لا يكون، فإذا غُمّ الهلال فعدُّوا له الشهرَ المذكور، وهو التسع والعشرون.

يوضّح ذلك أنه أتى بقوله: «فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه» عَقِب قوله: «إنما الشهر تسع وعشرون» بحرف الفاء المُشْعِرة بالسبب، فكأنه قال: الشهر الذي لابدّ منه تسع وعشرون، فاقدروا له هذا العددَ إذا غُمَّ عليكم.

الرابع: قد قيل معناه: فاقدروا له زمانًا يطلع في مثله الهلال، كما في حديث عائشة: «فاقْدُروا قَدْر الجاريةِ الحديثةِ السنّ المشتهية للنظر» (١) أي: اقدروا زمانًا يقف في مثله جاريةٌ حديثةُ السنّ.

وأيضًا فما روى أحمد في «مسائل الفضل بن زياد» بإسناده عن أبي عثمان، قال: قال عمر: «ليتقِ أحدُكم أن يصوم يومًا من شعبان، ويفطر يومًا من رمضان، فإن تقدّم قبل الناس، فليفطر إذا أفطر الناس» (٢)، نهى من


(١) أخرجه البخاري (٥١٩٠)، ومسلم (٨٩٢) وفيهما: «حديثة السن الحريصة على اللهو» بدون قوله: «المشتهية للنظر» وبهذا اللفظ أخرجه أبو عبيد في «غريب الحديث»: (٤/ ٣٣١).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٩٦٠٠) وإسناده حسن.