للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: أنه تقدم عن أبي هريرة أنه كان يقول: «لأن أصوم يومًا من شعبان أحبّ إليَّ مَن أن أفطر يومًا من رمضان»، وأن عائشة أفتت بذلك وأقرّها عليه، فلو (١) سَمِع مِن فَلْقِ فيْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرًا صريحًا بإكمال عدة شعبان وابتداء الصوم بعدها في مثل هذا الخَطْب الذي لا يكاد يُغفَل ويُهمَل، بهذا اللفظ الذي لا يُعدَل عنه ويُتأوّل= لَمَا استجاز خلافَه.

ونحن إذا قلنا: مخالفة الراوي للحديث لا يمنع الاحتجاجَ به، فإنا ننسب مخالفته إلى نسيانٍ أو اعتقاد نَسْخٍ أو تأويل، وهذه الاحتمالات مندفعة هنا.

ثم لا ريب أن مخالفتَه علةٌ في الحديث تؤثّر فيه، فإذا اعتضد بمخالفته انفرادُ واحدٍ عن الأثبات بهذا اللفظ الذي فيه المخالفة، ومخالفته للفظ الجماعة؛ كَثُرَت الشهاداتُ القادحةُ في هذا اللفظ، فوُقِف (٢).

ويتوجّه فيه شيءٌ آخر، وهو أن اللفظ المشهور: «فإن غُبّيَ عليكم فأكملوا عدّة شعبانَ ثلاثين» وهذا يكون في حال الصحو، إذا تراءاه فغُبّي عليه ولم يره ولم يعرفه؛ لأنهم [يقولون] (٣): غَبِيَ عليَّ الشيءُ، إذا لم يعرفه مع إمكان معرفته.

وفي لفظ: «فإن غمّي عليكم الشهر» (٤)، وهذا محتمل للصحو.


(١) ق: «ولو».
(٢) كذا في النسختين، ولعل المراد: فوُقِف في قبوله والاستدلال به.
(٣) بياض في النسختين، والإكمال مقترح، وينظر «اللسان»: (١٥/ ١١٤).
(٤) وهو لفظ مسلم وغيره كما تقدم.