للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أن المفهومَ عارضَه نصٌّ، والمنطوق مقدّم على المفهوم، فإن المفهوم أحسن أحواله أن يكون كالعامّ مع الخاصّ، وكالقياس مع النص، وهذا يُترَك من غير نسخ، والنصّ لا يُترك إلا بناسخ.

الثاني: أن منطوقَه ثبوت الصوم والفطر معًا بشهادة الاثنين، وتخصيص المنطوق بالذّكْر يقتضي أن المسكوتَ عنه يخالفه ولو مِن وجه. فاقتضى ذلك أن الصومَ والفطرَ لا يثبت إلا باثنين، وهذا صحيح، فإن الواحد لا يثبت به الفطر لا ضمنًا ولا أصلًا، كما سنذكره إن شاء الله. ولم يتعرّض الحديثُ للصوم بدون الفطر بأي شيء يثبت لا بمنطوق ولا بمفهوم.

وأيضًا فإن الأهلَّة غير رمضان تتضمّن حقوقًا للناس من إباحة الأكل والإحلال، وربما يخاف من دخول التهمة، وليس في [ق ٢٣] التقدم بها احتياط، فلا يُقبل فيها قول الواحد.

ويثبت بشاهدين مع الصحو والغيم؛ لما تقدم من قوله: «فإن لم يره وشهد شاهدا عَدْل؛ نَسَكْنا بشهادتهما»، وقوله: «فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا».

وعن رِبْعي بن حراش، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فقدم أعرابيان، فشهدا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بالله لأهلَّا الهلالَ أمس عشيّةً، فأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يفطروا وأن يغدوا إلى مصلّاهم». رواه أحمد وأبو داود والدارقطني، وقال: هذا صحيح (١).


(١) رواه أحمد (١٨٨٢٤، ٢٣٠٦٩)، وأبو داود (٢٣٣٩)، والدارقطني (٢٢٠٢) وعبارة الدارقطني: «هذا إسناد حسن ثابت».