للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأن شهر رمضان بمنزلة العبادة الواحدة؛ لأن الفطر في لياليه عبادة أيضًا يستعان بها على صوم نهاره، ولهذا شملت البركة لياليه وأيامه، وسُمّي الفطر ليلة العيد فطرًا من رمضان، فعُلم أن الفطر الذي يتخلَّل أيامَه ليس فطرًا من رمضان، ويزكّون صومَهم ويُوَفَّون أجرَهم في آخره، فعلم أنه عبادة واحدة، فأجْزَأتْ فيه نيةٌ واحدة كسائر العبادات.

وكون الفساد يختصّ ببعضه إذا صادفَه لا يمنع كونَه عبادة واحدة كالحج، فإنه يشتمل على إحرام ووقوف وطواف وسعي، ثم لو فسد الطواف لكونه على غير طهارة، أو قد اخترق (١) الحِجْرَ، ونحو ذلك؛ لم يتعدَّ الفساد إلى غيره، ومع هذا؛ فهو عبادة واحدة، بحيث تكفيه نية واحدة.

ولأنّ النيةَ وقعت لهذا الصوم في زمان يصلح جنسُه لنية الصوم، من غير أن يتخلَّل النيةَ والصومَ المنويَّ زمانٌ يصلح جنسُه لصوم سواه، فجاز ذلك، كما لو نوى لكل يوم من ليلته.

فأما القضاء والنذر فلا يجزئه إلا تبييت [ق ٣٢] النية في كلِّ ليلة قولًا واحدًا، ولم يفرق أصحابنا (٢) بين النذر المعيّن والكفارة المتتابعة وغيرها.

ووجه الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لم يُجْمِع الصيامَ من الليل قبل الفجر؛ فلا صيام له»، ولأن كل يوم عبادة مفردة، بدليل أنه لا يفسُد بعضُها بفساد بعض. والعبادة المفردة تفتقر إلى نية مفردة كسائر العبادات.

والحج عبادة واحدة، بدليل أنه لو وطأ في آخره فسد أوله، ومع هذا


(١) في النسختين غير محررة ورسمها: «أحرق»، والصواب ما أثبت.
(٢) كتب فوقها في النسختين: «ابن أبي موسى».