للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرواية الثالثة: أنّ من لا تباح ذبيحته كالمجوس والمشركين أو من يُكثر استعمال النجاسة كالنصارى المتظاهرين بالخمر والخنزير لا تباح أوانيهم. وتباح آنية من سواهم، لكن في كراهتها الخلاف المتقدِّم. والصحيح: أنها لا تكره، وهذا اختيار القاضي.

وأكثر أصحابنا من يجعل هذا التفصيل هو [٢٥/أ] المذهب قولًا واحدًا لحديث أبي ثعلبة المتقدِّم حملًا له على من يُكثِر استعمال النجاسة، وحملًا لغيره على غير ذلك؛ كما جاء مفسَّرًا فيما رواه أبو داود (١) عن أبي ثعلبة قال: قلت: يا رسول الله إنَّ أرضنا أرض أهل كتاب، وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر، فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم؟ قال: "إن لم تجدوا غيرها فارحَضوها بالماء، واطبخوا فيها واشربوا".

قال آدم بن الزبرقان: سمعت الشعبي قال: غزوت مع ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكنَّا إذا انتهينا إلى أهل قرية، فإن كانوا أهل كتاب أكلنا من طعامهم وشربنا من شرابهم، وإن كانوا غير أهل كتاب انتفعنا بآنيتهم وغسلناها (٢)


(١) برقم (٣٨٣٩) بنحوه من طريق مسلم بن مشكم، عن أبي ثعلبة. وأخرجه مطولًا عبد الرزاق (٨٥٠٣) ــ ومن طريقه أحمد (١٧٧٣٧) ــ واللفظ له، من طريق أبي قلابة عن أبي ثعلبة. وهو منقطع؛ فأبو قلابة لم يسمع من أبي ثعلبة، غير أن متابعة مسلم بن مشكم المتقدمة تجبر موضع الشاهد منه، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١/ ٧٥).
(٢) أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (٢/ ٣٨)، والدولابي في "الأسماء والكنى" (٢/ ٦٣٣).