للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه غير هذا الموضع.

ومعنى (يُطوَّقونَه) أي: يُكْلَّفونه فلا يستطيعونه، فكلّ مَن كُلّف الصوم فلم يُطِقْه، فعليه فدية طعام مسكين، وإن صام مع الجهد والمشقَّة؛ فهو خير له، وهذا معنى كلام ابن عباس في رواية عطاء عنه.

الثاني: أن العامة تقرأ: {يُطِيقُونَهُ}، فكان في صدر الإسلام لما فَرَض الله الصومَ خُيِّر (١) الرجل بين أن يصوم وبين أن يُطعم مكانَ كلّ يوم مسكينًا، فإن صام ولم يطعم كان خيرًا له، ثم نَسَخ الله هذا التخيير في حقّ القادر بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، فأوجب الصومَ ومَنع مِن الفِطر والإطعام، وبقي الفطر والإطعام للعاجز عن الصوم؛ لأنه لما أوجبَ على المطيق للصوم أحد هذين الأمرين (٢)، وهو الصيام أو الإطعام، لقدرته على كلّ منهما، كان القادرُ على أحدهما مأمورًا بما قَدِر عليه، فمن كان إذ ذاك يقدر على الصيام دون الإطعام لَزِمَه، ومَن يقدر على الإطعام دون الصيام لزِمَه، ومَن قدر عليهما خُيِّر بينهما، فإن هذا شأن جميع ما خُيِّر الناسُ بينه، مثل خصال كفّارة اليمين، وخصال فدية الأذى، وغير ذلك. ثم نسخ الله جوازَ الفطر عن القادر عليه، فبقي الفطرُ والفدية المستفاد من معنى الآية للعاجز.

ويُبَيِّن ذلك أن الشيخَ والعجوزَ إذا كانا يُطيقان الصومَ، فإنهما كانا يكونان مخيّرين بين الصيام والإطعام، فإذا عَجَزا (٣) بعد ذلك عن الصوم تعيّن عليهما


(١) س: «يخير».
(٢) مضروب عليها في س.
(٣) المطبوع: «عجز» خطأ.