للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصول أن الواجبات تصرف إلى مَن [ق ٤٦] وجبت عليه من غير خروج عن ملكه.

وهذا على قولنا: سقطت الكفّارة عنه.

فأما إن قلنا: تبقى في ذمّته، فقال بعضُ أصحابنا: يجوز صرفُها إليه لحديث الأعرابي، وقال بعضُهم: هل يجوز ذلك أم يكون خاصًّا بالأعرابي؟ فيه وجهان. [وهل يجوز ذلك في بقية الكفّارات؟ على روايتين] (١).

والمنصوص عن أحمد في رواية الأثرم (٢) وقد ذَكَر له حديث أبي هريرة وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أطعِمْه عيالَكَ» فقال: لا يكون هذا في شيء من الكفّارات إلا في الجماع خاصّة، فإنه يجزئه ولا يكفِّر مرّة أخرى.

وهذا بيانٌ من أحمد على أن الذي أطعمه الأعرابيّ لأهله كان كفّارة أجزأت عنه؛ لقوله: «يجزئه»، والإجزاء لا يكون إلا لشيء قد فُعِل وامْتُثل فيه الأمر، ولقوله: «ولا يكفِّر مرة أخرى» فدلّ على أنه قد كفَّر أوّلَ مرّة.

وقال في رواية مهنّا: في رجل عليه عتق رقبة، وليس عنده ما يكفِّر، فقال له رجلٌ: أنا أعْتِق عنك هذه الجارية؟ قال: لا يجوز، إلا أن يُمَلِّكه إيّاها، فيعتقها هو، فإذا لم يُملّكها فلا تجزئه؛ لأن ولاءها للذي أعتقها، وفي الإطعام يجوز أن يُطعِم عنه غيرُه، فأما في الرقَبَة فلا.


(١) ما بين المعكوفين من ق فقط، ومكانه فيها بعد قوله: «فهل يجوز صرفه على نفسه» على روايتين، والسياق يقتضي تحويلها إلى هذا المكان، فربما كانت لحقًا فأدرجه الناسخ في غير مكانه، والله أعلم.
(٢) ذكره في التمهيد والاستذكار كما سبق.