للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا لو استدخلَتْ ذَكَره وهو نائم وجبت الكفّارة، ذكروا فيه الروايتين (١)، ولأنها كفّارة فوجبت على كلّ واحدٍ منهما كالحدِّ، فإن الحدود كفارات لأهلها.

وهذا لأن الكفّارة ماحية من وجه وزاجرة من وجه وجابرة من وجه، والمرأة محتاجة إلى هذه المعاني حسب احتياج الرجل.

ولا يصح التفريق بأن الكفّارة في المال، والحدّ على البدن؛ [ق ٥٢] لأن مِن الكفارات ما هو على البدن، وهو الصيام.

وكذلك لو حلف كلٌّ منهما لا يجامع الآخرَ، كان على كلٍّ منهما كفّارة إذا حَنَث (٢) كلٌّ منهما في يمينه، كهتك كلٍّ منهما لحُرْمة صومه وإحرامه.

وأما حديث الأعرابي، فقد أجاب أصحابنا عنه بوجوه:

أحدها: أن بيانَه لحكم الأعرابي بيانٌ لحكم مَن في مثل حاله؛ إذ من المعلوم أنها تشاركه في الجماع فتشاركه في حكمه، ولهذا لم يأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقضاء والاغتسال، وقد أمر الأعرابيَّ بالقضاء لعلمه بأن حكمها حكمُه، فما حُمل عليه تركُ ذِكر القضاء، حُمل عليه تركُ ذِكر الكفّارة.

وثانيها: أن هذه قضية في عين، فلعلّ المرأة كانت مُكرهة أو نائمة، فإنه قد رُوي في بعض الألفاظ أنه قال: «هلكتُ وأهلَكْتُ» رواه الدارقطني (٣).


(١) في النسختين: «الروايتان»، وعلق في هامش ق: «لعله الروايتين». وهو كذلك.
(٢) في النسختين: «فحنث»، والصواب ما أثبت.
(٣) (٢٣٩٨). من طريق أبي ثور، عن معلى بن منصور, عن سفيان بن عيينة, عن الزهري, عن حميد بن عبد الرحمن, أنه سمع أبا هريرة , يقول: أتى رجل ... الحديث. قال الدارقطني: «تفرد به أبو ثور , عن معلى بن منصور , عن ابن عيينة بقوله: وأهلكت. وكلهم ثقات». وأخرجه البيهقي: (٤/ ٢٢٧) من طريق الأوزاعي عن الزهري به. قال البيهقي: «ضعّف شيخنا أبو عبد الله الحافظ (يعني الحاكم) - رحمه الله - هذه اللفظة «وأهلكت» وحملها على أنها أُدخلت على محمد بن المسيب الأرغيانى، فقد رواه أبو عليّ الحافظ عن محمد بن المسيب بالإسناد الأول دون هذه اللفظة، ورواه العباس بن الوليد عن عقبة بن علقمة دون هذه اللفظة، ورواه دُحيم وغيره عن الوليد بن مسلم دونها، ورواه كافة أصحاب الأوزاعى عن الأوزاعى دونها، ولم يذكرها أحد من أصحاب الزهرى عن الزهرى إلا ما رُوي عن أبي ثور عن معلى بن منصور عن سفيان بن عيينة عن الزهرى. وكان شيخنا يستدلّ على كونها فى تلك الرواية أيضًا خطأ بأنه نظر فى (كتاب الصوم) تصنيف المعلى بن منصور بخط مشهور فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة. وأن كافة أصحاب سفيان رووه عنه دونها. والله أعلم». وضعفها الخطابي في «معالم السنن»: (٣/ ٢٧١). وينظر «تنقيح التحقيق»: (٣/ ٢٢٢ - ٢٢٤).