للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا، فإن الدمعَ يخرج من العين، والدمعُ محلّه الدماغ، فعُلِم أن في العين منافذ ينزل منها الدمع.

فإن قيل: دخول الكحل وخروج الدمع من المسامّ التي في العين، والمسامُّ ليست كالمنافذ التي يحصل الفِطر بالداخل منها، بدليل أنه لو اغتسل بالماء أو (١) دَهَن رأسَه أو طيّب بدنَه، فإنه يجد في حلقه برودةَ الماء وطعم الدّهن ولا يُفْطِر، والعَرَق يخرج من هذه المسامّ كما يخرج الدمعُ من العين.

قيل: الداخل من العين جسم الكُحل، وهو الذي يوجد عند التَّنخُّع، فأما الذي يجده من الدُّهن والماء، فإنما هو بردُه وطعمُه، وذلك العرَض الذي فيه لا جسمُه. [ق ٦٤] والعرقُ يخرج مِن ظاهر الجَسَد لا من باطنه، فصار كما لو كان بدنه مجروحًا، فداواه بدواءٍ، فإن المفطِّر لابدّ أن يدخل إلى داخل البدن، والكحل بهذه المثابة بخلاف الدُّهن والماء ونحوهما.

فإن قيل: فقد روى أبو عاتكة، عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اشتكت عيني، أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: «نعم». رواه الترمذي (٢) وقال: «إسناده ليس بالقوي، ولا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيء، وأبو عاتكة ضعيف».


(١). س: «و».
(٢). (٧٢٦). ولفظه: «وأبو عاتكة يُضعّف». وقال البيهقي: «إسناد ضعيف بمرّة»، وقال ابن عبد الهادي في «التنقيح»: (٣/ ٢٤٧): «هذا الحديث انفرد به الترمذي، وإسناده واه جدًّا. وأبو عاتكة مجمعٌ على ضعفه، واسمه: طريف بن سلمان، ويقال: سلمان بن طريف».