للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن عَديّ بن حاتم ورجالًا (١) من المسلمين كانوا يأكلون حتى يتبيّن لهم العقال الأبيض من العقال الأسود، معتقدين أن ذلك معنى قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (٢) [البقرة: ١٨٧]، ولم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقضاء لكونهم (٣) غير عالِمِين بأن الأكل في هذا الوقت مفطّر (٤).

لأن الجهل أشدّ عذرًا من النسيان؛ فإن الناسي قد كان عَلِم ثم ذَكَر، والجاهل لم يعلم أصلًا، فإذا كان النسيان عذرًا في منع الإفطار؛ فالجهل أولى.

ولأن الصوم من باب الترك، ومَن فَعَل ما نُهِي عنه جاهلًا بالنهي عنه (٥) لم يستحق العقوبة، فيكون وجود الفعل منه كعدمه، فلا يُفطِر كالناسي.

والمنصوص عن أحمد فيمن احتجم جاهلًا بالحديث: أنه يفطر. ولذلك ذكر القاضي في مسألة تطيُّبهِ في الحجّ ناسيًا (٦) وغيرُه من أصحابنا: أنَ العالمَ بحَظْرِه والجاهلَ سواءٌ، قال: لأن كلّ عبادة حُظِر فيها معنى من


(١) في النسختين: «رجلًا»، والظاهر ما أثبت بدليل السياق ولفظ الحديث المروي.
(٢). قوله: «الأسود من الفجر» ليست في س. و «من الفجر» ليست في ق.
(٣). س زيادة: «كانوا».
(٤). س: «يفطر». والمطبوع: «مفطرا». والحديث أخرجه البخاري (١٩١٧)، ومسلم (١٠٩١) من حديث سهل بن سعد، وجاء من حديث عدي بن حاتم في «الصحيحين» أيضًا.
(٥). ليست في س.
(٦). «في مسألة تطيبه في الحج ناسيًا» سقطت من ق.