للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن الخيط يكون مُستدِقًّا.

الرابع: قوله: {مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} دليل على أنه يتميّز أحدُ الخيطين من الآخر، وإذا انتشر الضوء لم يبقَ هناك خيطٌ (١) أسود.

وأيضًا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعديّ: «إنما هو بياض النهار وسواد (٢) الليل»، فعلم أنه أول ما يبدو البياضُ الصادق يدخل النهار، كما أنه أول ما يُقبِل من المشرق السوادُ يدخل الليل.

وأيضًا فإنهم كانوا أولًا يربط أحدُهم في رجليه خيطًا أبيض وخيطًا أسود، فنزل قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} لرفع هذا التوهّم.

ثم إن عديًّا - رضي الله عنه - جعل تحت وسادته عقالين أبيض وأسود، فقال (٣) النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن وِسادَك لعريض»، وهو كناية عن عَرْض القَفا الذي يُكنى به عن قلة الفهم.

وفي رواية (٤): أنه قال له: «يا ابنَ حاتم، ألم أقُلْ لك: مِن الفجر، إنما هو بياض النهار مِن سواد الليل».

فهذا نصٌّ مِن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الانتظار إلى أن يتبيّن مواقع النَّبْل وينتشر الضوء حتى يتبين العقال الأبيض من الأسود غير جائز، وأن [ق ٨٣] بعض


(١) ق: «خط». وفي آخر الفقرة بياض في س.
(٢) س: «من سواد» وهو لفظ الرواية الآتية.
(٣) س: «فقال له».
(٤) أخرجه أحمد (١٩٣٧٥). وسنده ضعيف، فيه مجالد بن سعيد وهو ضعيف. ينظر «إتحاف الخيرة المهرة»: (٣/ ٦٠).