للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اخْتُلف هل كان هذا التوكيد إيجابًا؟

فقال القاضي: لا يُعرَف عن أصحابنا روايةٌ بأن صوم عاشوراء كان فرضًا في ذلك الوقت. قال: وقياس المذهب أنه لم يكن مفروضًا، لأن من شَرْط صيام الفرض النية من الليل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالنية من النهار.

وذكر هو وأصحابُه وأبو حفص البرمكي وغيرهم (١) أنه لم يكن مفروضًا؛ احتجاجًا بحديث معاوية المتقدِّم، وبأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر مَن أكل بإمساك بقيَّةِ اليوم (٢)، ولم يأمرهم بالقضاء، ولو كان واجبًا لأمرهم بالقضاء، كما يجب القضاء على مَن أكَلَ يومَ الشكِّ ثم قامت البينةُ بأنه من رمضان.

والتزموا على هذا أن الإمساك بعد الأكل في يوم شريف فيه فضل [ق ٨٩] يكون قُرْبة كما يكون الإمساك في اليوم الواجب واجبًا.

واعتذروا عما ورد من النّسْخ بأن المنسوخَ تأكيدُ صيامه وكثرة ثوابه (٣)، فإنه كان قبل رمضان أوكد وأكثر ثوابًا منه بعد رمضان.

وذكر بعضُ أصحابنا عن أحمد أنه كان مفروضًا.

وهو الذي ذكره أبو بكر الأثرم، قال (٤) في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (٥): «وقد روي من أكثر من عشرين وجهًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بصوم


(١) س: «وغيرهما».
(٢) س: «يومه».
(٣) س: «فواته»، خطأ.
(٤) ليست في س.
(٥) (ص ١٨٣ - ١٨٤) ط. دار النوادر.