للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: إنما هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يستُرك فلا بأس.

وعلى هذا يُحمَل ما روى جابر قال: نهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُستقبلَ القبلةُ ببول، فرأيته قبل أن يُقبَض بعام يستقبلها. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن غريب (١). [٣٦/ب] وقال البخاري: هذا حديث حسن صحيح (٢).

وقد قيل في وجه الفرق: إنّ كشف العورة محظور في الأصل، وإنما يباح لحاجة، فإذا لم يكن بين يديه أو قريبًا منه شيء يستره كان أفحَش؛ وجهةُ القبلة أشرفُ الجهات، فصِينت عنه. وعلى هذا نقول: إن الجلوس في الصحراء في وَهْدٍ (٣) أو وراء جدار أو بعير كما بين البنيان، وإنّ الجلوس على سطوح البُنيان (٤) ولا سُتْرةَ لها كالفضاء.


(١) أحمد (١٤٨٧٢)، وأبو داود (١٣)، وابن ماجه (٣٢٥)، والترمذي (٩)، من طرق عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، عن جابر به.
وصححه البخاري كما في"الخلافيات" للبيهقي (٢/ ٦٨)، وابن خزيمة (٥٨)، وابن حبان (١٤٢٠)، وقال الدارقطني (١/ ٥٩) في رواته: "كلهم ثقات".
وأعله قوم بعنعنة ابن إسحاق، وبضعف أبان، كابن عبد البر في "التمهيد" (١/ ٣١٢)، وليس بشيء؛ إذ صرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد وغيره، وأما أبان فمتفق على توثيقه، كما في ترجمته من "تهذيب التهذيب" (١/ ٥٣).
(٢) ذكره البيهقي في "الخلافيات" (٢/ ٦٨) نقلًا عن الترمذي بلفظ: "هذا حديث صحيح"، وليس في المطبوع من "العلل الكبير" (ص ٢٣).
(٣) الوَهْد: المكان المنخفض.
(٤) في المطبوع: "الوديان"، والصواب ما أثبتنا من الأصل.