للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها، قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى انصرف إلى بنائه، فبصر بالأبنية فقال: «ما هذا؟» قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آلبِرَّ أرَدْنَ بهذا؟! ما أنا بمعتكف» فرجع، فلما أفطر اعتكف عشرًا من شوَّال.

فهذا نصٌّ مفسَّر في أنه أذن لعائشة وحفصة أن يعتكفا في المسجد، وذلك دليلٌ على أنه مشروع حَسَن، ولو كان اعتكافهنّ في غير المسجد العام ممكنًا لاستغنينَ بذلك عن ضرب الأخبية في المسجد كما استغنين بالصلاة في بيوتهن عن الجماعة في المساجد، ولأمرهنَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، كما قال في الصلاة: «وبيوتهنّ خيرٌ لهنّ» (١).

لاسيما وقد خاف أن يكون قد دخلهُنَّ في ذلك شيء من المنافسة والغيرة حين تَشَبَّه بعضُهنّ ببعض، واعتكفن معه، حتى ترك الاعتكاف من أجل ذلك، وقد كان يمكنه أن يقول: الاعتكافُ في البيت يغنيكنّ عن الاعتكاف في المسجد، كما قال لعائشة: «صلي في الحِجْر فإنه مِن [ق ١١٢] البيت» (٢). وكان مما يحصل به مقصوده ومقصود من أرادت الاعتكاف منهن، وتقوم به الحجّةُ على مَنْ لم يرده.


(١) أخرجه أحمد (٥٤٦٨، ٥٤٧١)، وأبو داود (٥٦٧)، وابن خزيمة (١٦٨٤)، والحاكم: (١/ ٣٢٧)، وصححه الحاكم والنووي في «خلاصة الأحكام»: (٢/ ٦٧٨)، والبوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة»: (٢/ ٦٤)، والألباني في «صحيح أبي داود - الأم»: (٣/ ١٠٣). لكن قال ابن خزيمة: «ولا أقف على سماع حبيب بن أبي ثابت هذا الخبرَ من ابن عمر». وللحديث شواهد يتقوى بها.
(٢) أخرجه أحمد (٢٤٦١٦)، وأبو داود (٢٠٢٨)، والترمذي (٨٧٦)، والنسائي (٢٩١٢). وصححه الترمذي، وابن خزيمة (٣٠١٨)، والألباني في «صحيح أبي داود - الأم»: (٦/ ٢٦٨).