للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فما روت عائشة قالت: «اعتكفَ مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعضُ أزواجه، وكانت ترى الدمَ والصُّفْرةَ، والطستُ تحتها وهي تصلي» رواه البخاري وغيره (١).

وعن كثير مولى [ابن] سَمُرة: أن امرأة أرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أريد أن أعتكف العشر الأواخر وأنا أُسْتحاض، فما ترى؟ قال: «ادْخُلي المسجدَ، واقْعُدي في طَسْت، فإذا امتلأ فلْيُهْراق عنك» رواه النجَّاد (٢).

فقد مكَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - امرأتَه أن تعتكف في المسجد وهي مُستحاضة، وهي لا تفعل ذلك إلا بأمره، وأمَر التي سألته أن تدخل المسجد، والأمرُ يقتضي الوجوبَ، ولو كان الاعتكاف في البيت جائزًا لما أمرها بالمسجد، ولأمرها بالبيت، فإنه أسهل وأيسر وأبعد عن تلويث المسجد بالنجاسة، وعن مشقَّة حَمْل الطست ونقله. وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يُخَيَّر بين أمرين إلا اختارَ (٣) أيسرَهما ما لم يكن إثمًا (٤)، فعُلم أن الجلوس في غير المسجد ليس باعتكاف.

وأيضًا ما روى قتادةُ، عن أبي حسَّان وجابر بن زيد: «أن ابن عباس سُئل عن امرأة جَعَلَت عليها أن تعتكف في مسجد نفسها في بيتها؟ فقال: بدعة،


(١) البخاري (٣٠٩، ٣١٠، ٢٠٣٧)، وأحمد (٢٤٩٩٨)، وأبو داود (٢٤٧٦).
(٢) أخرجه النجاد بإسناده كما في «التعليقة»: (١/ ١٠) للقاضي أبي يعلى، وسنده ضعيف لإرساله، فإن راويه كثير بن أبي كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة تابعي. قال عنه ابن حجر في «التقريب» (٥٦٢٦): «مقبول ... وهم من عدّه صحابيًّا».
(٣) س: «اختيار».
(٤) أخرجه البخاري (٦٧٨٦)، ومسلم (٢٣٢٧).