للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهما -: «لا اعتكافَ إلا بصوم» (١). رواهما سعيد.

وأما اعتكاف النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صائمًا، فلأنه كان يتحرّى أفضلَ الأحوال في اعتكافه، ولهذا كان يعتكف العشر الأواخر، مع أن اعتكاف غيرها جائز، وكان يعتكف عشرًا، ولو اعتكف أقلّ جاز.

وأما قياسه على الوقوف، فينقلب عليهم بأن يقال: فلم يكن الصوم شرطًا في صحته كالأصل، وهذا أجْوَد؛ لأنه قد صرَّح فيه بالحُكْم، ثم القُربة (٢) المتضمّنة (٣) إلى الوقوف هي الإحرام، وهي تنعقد بالنية، ومثله في الاعتكاف لا بدَّ من النية.

وأما اشتراطُ زيادةٍ على النية، فإنه وإن وجب في الأصل، لكنه يصح بدونه.

ثم الفرق بين المسجد والمعرَّف ظاهر، فإن المسجد لدخوله مزيَّة على غيره في كلِّ وقت، وعلى كلّ حال، ولهذا يجب صونه عن أشياء كثيرة، والمعرّف لا يمتاز المكث فيه إلا في يوم مخصوص على وجه مخصوص، فكيف يُقاس بهذا؟!

فعلى هذا يصحّ اعتكافه (٤) ليلةً مفردة، ويومي العيدين وأيام التشريق


(١) رواه ابن أبي شيبة (٩٧١٣) بالطريق السابق عن مقسم عنهما. وقد صحّ ذلك عنهما من وجه آخر، وقد سبق.
(٢) ق: «القرينة»!
(٣) كذا في النسختين ولعلها: «المنضمَّة».
(٤) س: «اعتكاف».