للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أن يكون قد علم أن الحج قد (١) وجب على (٢) الآباء بملك المال، إما لعلمه - صلى الله عليه وسلم - بأن أماكن أولئك السؤَّال قريبة، وأن غالب العرب لا يَعْدَم أحدهم بعيرًا يركبه وزادًا يبلِّغه، أو لأنه رأى جزم السائلين بالوجوب مخصّصين لهؤلاء من دون (٣) غيرهم من المسلمين، فعُلِم أنهم إنما جزموا لوجود المال الذي تقدم بيانه أنه هو السبيل، أو لغير ذلك من الأسباب.

ويجوز أن يكون السؤَّال عَنَوا بقوله (٤): «أدركته فريضة الله في الحج»، و «عليه فريضة الله في الحج»، و «الحج مكتوب عليه» الوجوبَ العام، وهو أن الحج أحد أركان الإسلام، وقد أوجبه الله سبحانه على كل مسلم حر عاقل بالغ، وهو مخاطبٌ به سواء كان قادرًا أو عاجزًا. ولهذا لو فعله أو فُعِل عنه أجزأه ذلك من حجة الإسلام، وإنما سقط عن (٥) غير المستطيع السيرُ للعذر، لا لكونه ليس من أهل الوجوب، بخلاف الصبي والعبد والمجنون، فإنهم ليسوا من أهل الوجوب.

ولهذا يفرق في الجمعة والحج وغيرهما بين أهل الأعذار في كونهم من أهل وجوب هذه العبادة، وإنما سقط عنهم السعي إليها للمشقة والعذر؛ ولهذا إذا حضروا وجبت عليهم وانعقدت بهم، وبين العبد والمسافر والمرأة ونحوهم في كونهم ليسوا من أهل الوجوب؛ ولهذا إذا حضروا لم تجب عليهم، ولا تنعقد بهم.


(١) «قد» ليست في س.
(٢) «على» ساقطة من س.
(٣) ق: «من بين».
(٤) كذا، ولعل الصواب «بقولهم».
(٥) ق: «من».