للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، كما لم يأمره (١) بتكرار الحج والطواف، فعند هذا يكون قول السائل: «عليه فريضة الله في الحج»، «إذا أدركته فريضة الله» ونحو ذلك= كان لمِلْكه الزاد والراحلة، وقد بلغ هؤلاء أن مَن مَلَك الزاد والراحلة فعليه فريضة الله في الحج، ولم يعلموا حكم العاجز عن الركوب: أيسقط عنه أم يتجشَّم المشاقَّ وإن أضرَّ به وهلك في الطريق، أم يستخلف مَن يحج عنه؟ ولهذا جزمت السائلة فقالت: «إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج»، وقال الآخر: «أدركه الإسلام وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرحل، والحج مكتوب عليه». ولن يقول هذا إلا من قد علم أنه مكتوب عليه وواجب. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج عن الآباء، ولم يستفصلهم هل ملكوا مالًا أم لا، لوجهين:

أحدهما: أنهم إنما سألوه عن جواز النيابة وإسقاطها فرضَ حجة الإسلام، وهذا لا يختلف الحال فيه بين الواجد والمُعدِم، فلم يكن للاستفصال وجه. وكل معضوب إذا حَجَّ عنه (٢) غيرُه بإذنه أسقط عنه الفرض، حتى لو ملك بعد هذا مالًا لم يجب عليه حجة أخرى. وشبَّهه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدين في جواز الأداء عن الغير. فإن من عليه دين وهو قادر على وفائه من ماله أو عاجز عنه، إذا أدَّاه غيره عنه بإذنه جاز، كذلك الحج (٣).


(١) «به كما لم يأمره» ساقطة من ق.
(٢) «عنه» ساقطة من س.
(٣) س: «الحج اذا».