للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا قاله عمر ولم يخالفه مخالف من الصحابة. وإنما عزم على ذلك وإن كان تارك الحج إذا كان مسلمًا لا يُضرَب عليه الجزية؛ لأنه في (١) أول الإسلام كان الغالب على أهل الأمصار الكفرُ إلا من أسلم، فمن لم يحج أبقاه على الكفر الأصلي، فضرب عليه الجزية. ولولا أن وجوبه على الفور لم يجعل تركه شعارًا للكفر (٢).

وقد روي عن الحسن بن محمد قال: أبصر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قومًا بعرفة من أهل البحرين عليهم القُمُص والعمائم، فأمر أن تُعاد عليهم الجزية. رواه سعيد (٣).

وعن أبي هارون العبدي قال: قال عمر: حُجّوا العامَ فإن لم (٤) تستطيعوا فقابل، مرتين أو ثلاثًا، فمن لم يستطع فقابل، فمن لم يفعل فآذِنوني أضرِبْ عليهم الجزية. رواه سفيان (٥) بن عيينة عنه. وهذا صريح بأنه على الفور، وقد خاطب به عمر الناس، ولم يخالفه مخالف.

وأيضًا فإن الحج تمام الإسلام؛ لأن [ق ١٥٨] الإسلام بُني على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقامِ الصلاة، وإيتاء الزكاة،


(١) س: «كان في».
(٢) س: «شعار الكفر».
(٣) أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (٢/ ٢٠٧) باللفظ المذكور، وابن أبي عمر في «الإيمان» (٣٩) بنحوه. وهو مُرسل، فإن الحسن بن محمد ابن الحنفية لم يُدرك عمر.
(٤) «لم» ساقطة من المطبوع.
(٥) في س تكرار «رواه سفيان». والأثر لم أقف عليه من هذا الوجه، وأبو هارون العبدي متروك الحديث متّهم ولم يُدرك عمر، وأخرجه ابن أبي عمر في «الإيمان» (٤٠) والفاكهي في «أخبار مكة» (٨٠٧) من وجه آخر عن عمر، وفي إسناده جهالة.