للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معها، ولم يمكن تغييرها بعد الفتح إلا في سنة أبي بكر، [ثُمَّ] (١) حج من العام المقبل لما زالت.

ومن الأعذار أيضًا اشتغاله بأمر الجهاد، وغلبة الكفَّار على أكثر الأرض، والحاجة، والخوف على نفسه وعلى المدينة من الكفّار والمنافقين، وأن الله أعلمه أنه لا بدَّ أن يحج قبل الموت. وفي بعض هذه الأمور نظر، وإن صحت فهي عذر في خصوصه، ليست عذرًا لجميع المسلمين.

وأما قولهم: وجوب الحج مطلق (٢)، قلنا: الأمر المطلق عندنا يوجب فعل المأمور به على الفور، وإن (٣) لم يكن الأمر المطلق يقتضي ذلك، فقد بيّنا من جهة السنة وغيرها ما يقتضي وجوب المبادرة إلى فعل الحج، فيكون الأمر به مقيَّدًا.

وأيضًا فإن تأخير الحج تفويت؛ لأنه لا يتمكن من فعله إلا في وقت واحد، فيصير كالعبادة الموقتة من بعض الوجوه، وإنما لم يكن فعله (٤) بعد ذلك قضاء؛ لأن القضاء هو فعل العبادة بعد خروج وقتها المحدود شرعًا حدًّا يعمّ المكلَّفين، والحج ليس كذلك. وكونه قضاءً أو أداءً لا يفيد (٥) وجوب التقديم ولا جواز التأخير؛ بدليل أن النائم والناسي والحائض والمسافر يأتون بالعبادة بعد خروج الوقت العام المحدود، فيكون قضاء مع


(١) زيادة ليستقيم السياق.
(٢) في المطبوع: «مطلقًا»، خلاف النسختين.
(٣) س: «ولو».
(٤) «فعله» ساقطة من س.
(٥) في المطبوع: «لا يغير»، تحريف.