للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه كغيره (١) من القُرَب، وهذا لأن دخوله في عقد الإجارة يُخرِجه عن أن يكون قربة؛ لأنه قد وقع مستحقًّا للمستأجر.

وإنما كان من شرطه أن يقع قربةً؛ لأن الله تعالى أوجب على العبد أن يعمل مناسكه كلها لله (٢)، ويعبده بذلك، فلو أنه عملها بعوض من الناس لم تُجزِئه إجماعًا، كمن صام أو صلَّى بالكراء. فإذا عجز عن ذلك بنفسه جعل الله تعالى عمل غيره قائمًا مقام عمله بنفسه، وسادًّا مسدَّه رحمة ولطفًا، فلا بدّ أن يكون مثلَه ليحصل به مقصوده؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبَّهه بالدين في الذمة، وإنما تبرأ ذمة المدين إذا قُضِي عنه الدين من جنس ما عليه، فإذا كان هذا العامل عنه إنما يعمل للدنيا ولأجل العوض الذي أخذه، لم يكن حجّه عبادةً (٣) لله وحده، فلا يكون من جنس ما كان على (٤) الأول، وإنما تقع النيابة المحضة ممن غرضُه نفعُ أخيه المسلم لرحمٍ بينهما أو صداقةٍ أو غير ذلك، وله قصد في أن يحج بيت الله، فيكون حجه لله، فيقام مقام حج المستنيب.

والجعالة بمنزلة الإجارة إلا أنها ليست لازمة، ولا يستحق الجُعْلَ حتى يعمل.

وأما الحج بالنفقة فإنما كرهه أحمد مرة؛ لأنه قد يكون قصده الإنفاق على نفسه مدة الحج، فلا يكون حجُّه لله، كما أن الأجير (٥) قصده ملك الأجرة، وإن كانت شيئا مقدَّرًا مثل وصية ونحوها فقد يكون قصده استفضال


(١) س: «كغير».
(٢) «لله» ليست في س.
(٣) س: «وعبادته».
(٤) «على» ساقطة من ق.
(٥) «قصده الإنفاق ... أن الأجير» ساقطة من ق.