للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر بعض (١) أصحابنا رواية أخرى أنه يجوز أن يبدأ بالنفل قبل الفرض، وبالنذر قبل حجة الإسلام تخريجًا من المسألة قبلها، ومن جواز الابتداء بالنفل على إحدى الروايتين في الصوم والصلاة، ومن كونه قد نص على أن الفرض لا يجزئ إلا بتعيين النية.

ووجه الأول: ما اعتمده أحمد من إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -، وقد سئل عمن حج في نذره ولم يكن حج حجة الإسلام، فقال (٢): كان ابن عباس يقول: يجزئه عن حجة الإسلام (٣)، وقال ابن عمر: هذه حجة الإسلام أوفِيْ بنذرك (٤). فقد اتفقا على أنه إذا نوى النذر لا بد أن يقع عن حجة الإسلام.

وأيضًا ما تقدم (٥) من أن الحج واجب على الفور، أو أنه يتعين بشهود المشاعر، فإن مأخذ هذه المسألة والتي قبلها واحد.

وأيضًا فإن الحج مدته طويلة، ولا يبلغ إلا بكلفة ومشقَّة، ولا يُفعَل في العام إلا مرة، ففي تقديم النفل على الفرض تغريرٌ به وتفويتٌ، بخلاف


(١) «بعض» ساقطة من ق. وانظر هذه الرواية في «التعليقة» (١/ ١١٤).
(٢) كما في «المسائل» برواية عبد الله (ص ٢٢٠).
(٣) أي يُجزئه حج النذر عن حجة الإسلام. أخرج ابن أبي شيبة (١٢٨٨٦) أنه قال لسائلة سألته عن مثل ذلك: «قضيتِهما وربِّ الكعبة». وكذلك أخرج (١٢٨٨٧ - ١٢٨٨٩) عن أصحابه: عكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير أنهم قالوا: يجزئ الحج الواحد عنهما.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (١٢٨٨٥) والإمام أحمد في «مسائله - رواية عبد الله» (ص ٢٢٠) بإسناد صحيح. وفي النسختين: «أوفِ». والتصويب مما سيأتي.
(٥) (ص ٩٧).