للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدخل كما هو (١). وكان ابن عباس يُشدِّد في ذلك (٢). فقيل له: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - دخلها عام الفتح بغير إحرام، فقال: ذلك من أجل الحرب، ألا تراه يقول: «حلَّت لي ساعةً من نهار» (٣). وهذا يدخل مع فعل ابن عمر.

وقال في رواية الأثرم في الرجل يقيم بمكة متمتعًا أو غيره ثم يخرج منها لبعض الحاجة: فيعجبني أن لا يدخلها إلا بإحرام، وأن لا يخرج منها أبدًا حتى يُودِّع البيت.

فقد أمر بالإحرام كلَّ داخلٍ إليها ممن خرج عنها أو لم يخرج، سواء كان رجوعه إليها من دون (٤) الميقات أو من فوق، وهذا لأن المقصود بذلك تعظيم الحرم لشرفه وكرامته، وذلك يستوي فيه كلُّ داخلٍ إليه ممن قَرُبتْ داره أو بَعُدتْ (٥)؛ ولهذا يستويان في وجوب الإحرام إذا أراد الحج أو العمرة.

وأما نفس مجاوزة الميقات فليس بموجب للإحرام، بدليل ما لو لم


(١) سبق تخريجه قريبًا. وجاء التصريح في رواية ابن أبي شيبة (١٣٧٠٠) وغيره أن ابن عمر رجع من أجل ما بلغه من «أن جيشًا من جيوش الفتنة دخلوا المدينة، فكره أن يدخل عليهم فرجع إلى مكة فدخلها بغير إحرام».
(٢) يشير إلى الأثر السابق قريبًا.
(٣) متفق عليه، وسيأتي.
(٤) «دون» ساقطة من المطبوع.
(٥) في هامش النسختين هنا: «يتوجه الفرق بين من يكون من حاضري المسجد الحرام وغيرهم، كما فرَّق أصحابنا بينهم في طواف الوداع، وعلى كلامه يستحب الوداع لكل خارج إلى الحل. وعائشة لما خرجت إلى الحلّ لتحرم بالعمرة لم تودّع».