للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل له: وأيُّ فتنة (١) في ذلك وإنما هي زيادة أميال؟ فقال: وأيُّ فتنة أعظم من أن تظنَّ أنك خُصِصْتَ بأمرٍ لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

ثم لو كان [ق ١٨٣] الفضل في غير ذلك لبيَّنه للمؤمنين، ولدلَّهم عليه، إذ هو أنصح الخلق للخلق، وأهدى الخلق للخلق (٢)، وأرحم الخلق بالخلق، كما دلَّهم (٣) على الأعمال الفاضلة وإن كان فيها مشقة، كالجهاد وغيره.

وكونُه أيسرَ قد يكون مقتضيًا لفضله، كما أن صوم شطر الدهر أفضل من صيامه كله، وقيام ثُلث (٤) الليل أفضل من قيامه كله، والتزوُّجُ وأكل ما أباحه الله تعالى أفضل من تحريم ما أحلَّ الله، والله عز وجل يحب أن يؤخذ برُخَصِه كما يكره أن تؤتى معصيتُه.

وأيضًا فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يُهِلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة» وقول الصحابة: «وقَّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة من ذي الحليفة» أمرٌ بالإهلال من هذه المواقيت، وهذا التوقيت (٥) يقتضي نفي الزيادة والنقص، فإن لم تكن الزيادة محرَّمةً فلا أقلّ من أن يكون تركها أفضل.

وأيضًا ما رُوي عن أبي سَوْرة عن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليستمتعْ أحدُكم بحِلِّه ما استطاع، فإنه لا يدري ما يعرِض له في إحرامه (٦)».


(١) «قيل له وأي فتنة» ساقطة من س.
(٢) «وأهدى الخلق للخلق» ساقطة من المطبوع.
(٣) ق: «قد دلَّهم».
(٤) «ثلث» ساقطة من المطبوع.
(٥) «وهذا التوقيت» ساقطة من س.
(٦) س: «حرمته».