للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلوم أن التمتع بالعمرة إلى الحج لا يُكْره (١) بالاتفاق، فيجب أن يُحمل نهيهم على متعة الفسخ، والرخصة على المتعة المبتدأة؛ توفيقًا بين أقاويلهم، ولولا علمهم بأن ذلك خاص للرَّكْب الذين كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُقدِموا على تغيير حكم الشريعة، ولم يطاوِعْهم المسلمون على ذلك، ولا يجوز لمسلم أن يظن بهم ذلك.

وإن كانوا قد نهوا عن جميع أنواع المتعة نهيَ تنزيهٍ، أو نهيَ اختيارٍ للأَولى، فيعلم أنهم اعتقدوا أن الإفراد أفضل؛ ولهذا إنما كانت المنازعة في جواز التمتع لا في (٢) فضله، ويجعلونها رخصةً للبعيد عن مكة.

وأيضًا فإنهم كانوا في الجاهلية يعتقدون التمتع بالعمرة إلى الحج من أفجر الفجور، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بفسخ الحج إلى العمرة؛ ليبيِّن جواز العمرة في أشهر الحج، وقد حصل معرفة ذلك وعُلِم، فلا حاجة إلى الخروج عن عقد لازم، أو أنه أذنَ لهم في الفسخ لأنه لم يكن يعلم أولًا جواز العمرة قبل الحج.

والذي يبيِّن أن الإفراد أفضل من متعتي القران والعمرة المبتدأة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج، بدليل ما روى القاسم عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج. رواه الجماعة إلا البخاري، وقد تقدم عنها في المتفق عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهلَّ بالحج وأهلَّ به ناس معه، وأن ناسًا أهلُّوا بعمرة (٣)، وناسًا أهلُّوا بالحج والعمرة.


(١) ق: «لا يلزمه»، خطأ.
(٢) «في» ليست في س.
(٣) ق: «بالعمرة».