للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالفسخ، فعنه أجوبة:

أحدها: أن الفسخ حكم ثابت في حق جميع الأمة كما سنبينه إن شاء الله تعالى، فمتعتُه كذلك. ولهذا مذهبُ أحمد وأصحابه أن المستحبّ لمن أحرم بحج مفرد، أو بعمرة وحج، أو أحرم (١) إحرامًا مطلقًا، أو أحرم بمثل ما أحرم به فلان= أن يفسخوا الحج إلى العمرة ويتمتعوا بالعمرة إلى الحج امتثالًا لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطاعةً له، وإن كان بعض العلماء لا يجيزه (٢) فليس لأحدٍ مع السنة كلام، ولا يُشرَع الاحتراز من اختلافٍ يفضي إلى ترك ما نَدَبتْ إليه السنة؛ كما استحببنا التطيُّب قبل الإحرام وبعد الإحلال الأول اتباعًا للسنة، وفي جوازه من الخلاف ما قد عُلِم، وكما استحببنا (٣) التلبية إلى أن يرمي جمرة العقبة، وفي كراهته من الخلاف ما قد عُلِم، ونظائره كثيرة.

الثاني: أن أمرهم بالمتعة تضمَّن شيئين:

أحدهما: جواز الفسخ.

والثاني: استحباب التمتع واختياره.

فإذا بطل أحدهما لم يبطُل الآخر، وهذا لأنه لو لم تكن المتعة أفضل من غيرها لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اختار لأصحابه ما غيره أفضل منه، وحضَّهم على ذلك، والتزم لأجله فسخَ الحج، وبيَّن أنه إنما منعه من التحلل معهم سَوْقُ هدْيِه، ولا يجوز أن يُعتقد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يختار لهم ما غيره أفضل منه.


(١) في المطبوع: «وأحرم»، خلاف النسختين.
(٢) ق: «لا يختاره».
(٣) ق: «قد استحببنا».