للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الأولى تركه، وذلك لِما احتجَّ به أحمد ورواه (١) بإسناده عن عطاء عن ابن عباس أنه سمع رجلًا يلبِّي بالمدينة، فقال: إن هذا لمجنون، ليست التلبية في البيوت، وإنما التلبية إذا برزتَ.

وعلّله القاضي (٢) بأن التلبية مستحبة (٣)، وإخفاء التطوُّع أولى من إظهاره لمن لا يشركه فيه؛ ولهذا لم يكره ذلك في الصحراء وفي أمصار الحرم؛ لوجود الشركاء.

وهذا ليس بشيء، ويحتمل أن يكون ذلك لأن المقيم في مصرِه ليس بمسافر ولا متوجه إلى الله تعالى، والتلبية إجابة الداعي، وإنما يجيبه إذا شرع في السفر. فإذا فارق البيوت شرع في السفر فيجيبه، وكلام ابن عباس وأحمد يحتمل هذا. فعلى هذا لو مرَّ بمصرٍ آخر في طريقه لبَّى منه.

وعلى هذا فلا يُستحبُّ إخفاؤها ولا إظهارها، وهو ظاهر كلام أحمد وابن عباس.

فأما المساجد فقال القاضي (٤) وأبو الخطاب (٥): لا يُستحبُّ إظهارها في الأمصار ومساجد الأمصار. ومساجد الأمصار (٦): هي المبنيَّة في المصر؛


(١) في «مسائله ــ رواية أبي داود» (ص ١٤٢)، وفي إسناده لين.
(٢) في «التعليقة» (١/ ١٨٢).
(٣) ق: «تستحب».
(٤) في «التعليقة» (١/ ١٨١).
(٥) في «الهداية» (ص ١٧٦).
(٦) «ومساجد الأمصار» ساقطة من ق.