للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فإنه إنما جوّز لبسهما عند عدم الأصل، فلو افتقر ذلك إلى تغيير أو وجبتْ فدية لاستوى حكم وجود الأصل وعدمه في عامة المواضع.

وبيان ذلك أنهما إذا غُيِّرا: إن صارا بمنزلة الإزار والنعل فيجوز لبسُهما مغيَّرينِ مع وجود الإزار والنعل، إذ لا فرقَ بين نعل ونعل وإزار وإزار، وهذا مخالف لقوله: «السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفاف لمن لم يجد النعلين»، فجعلَهما لمن لم يجد، كما في قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣، المائدة: ٦] وقوله: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: ١٩٦، المائدة: ٨٩] وقوله: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ} [النساء: ٩٢، المجادلة: ٤] إلى غير ذلك من المواضع، ومخالف لقوله: «من لم يجد إزارًا فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين»، ومخالف لقوله: «السراويل إزارُ من لا إزارَ له، والخفّانِ نعلا من (١) لا نعلَ له». وهذا واضح.

وإن لم يصيرَا (٢) بالتغيير بمنزلة الإزار والخف فلا فائدة في التغيير، بل هو إتلافٌ بغير فائدة أصلًا وإفسادٌ له، والله لا يحبُّ الفساد.

وأيضًا فإن عامة الصحابة وكبراءهم على هذا؛ فروي عن الأسود قال: سألت عمر بن الخطاب قلت: من أين أُحرِم؟ قال: من ذي الحليفة، وقال: الخفّانِ نعلان لمن لا نعلَ له (٣).


(١) في النسختين والمطبوع: «نعلان من». وصوابه ما أثبت أو «نعلان لمن» كما سبق وكما سيأتي.
(٢) في النسختين: «لم يصير» بدون الألف.
(٣) عزاه القاضي في «التعليقة» (١/ ٣٥١) إلى أبي بكر النجاد. وأخرجه ابن أبي شيبة (١٦٠٢٢) عن عمير ــ ويقال: عمرو ــ بن الأسود العَنْسي عن عمر، بنحوه.