للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحديث ابن عباس كان وهو مُحرِمٌ بعرفات كما تقدَّم (١)، وقد بيَّن فيه أنه لم يذكر القطع.

قال الدارقطني (٢): سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: في حديث ابن جريج وليث بن سعد وجويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر قال: نادى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد: ما يترك المحرمُ من الثياب؟ وهذا يدلُّ على أنه قبل الإحرام بالمدينة، وحديث شعبة وسعيد بن زيد عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات، هذا بعد حديث ابن عمر.

فمن زعم أن هذه الزيادة حفظها ابن عمر دون غيره فقد أخطأ.

قال المرُّوذي (٣): احتججتُ على أبي عبد الله بقول ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقلت: هو (٤) زيادة في الخبر، فقال: هذا حديث وذاك حديث.

ويبيِّن ذلك أنهما حديثان متغايرا اللفظِ والمعنى، في هذا ما ليس في هذا، وفي هذا ما ليس في هذا.

وإذا كان كذلك فحديث ابن عباس هو الحديث المتأخر، فإما أن يُبنى على حديث ابن عمر ويُقيَّد به، أو يكون ناسخًا له، ويكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أولًا بقطعها، ثم رخصَّ لهم في لبسها مطلقًا من غير قطعٍ، وهذا هو الذي


(١) (ص ٤٥٨).
(٢) في «سننه» (٢/ ٢٣٠).
(٣) كما في «التعليقة» (١/ ٣٥٢).
(٤) في المطبوع: «قلت وهو»، خلاف النسختين.