وقد روي عن أحمد في القيد في النعل يفتدي؛ لأنا لا نعرف النعال هكذا.
ومعنى القيد: سَيْر ثانٍ على ظهر القدم. والعَقَب: الذي يكون في مؤخر القدم، وهذا لأن القدر الذي يحتاج إليه النعل من السيور: الزِّمام، لأنه يمنع النعل من التقدم والتأخر، والشِّراك فإنه إذا عقده امتنع من أن ينتحي يمينًا وشمالًا. فأما سيرٌ ثانٍ على ظهر القدم مع الشراك، أو عَقَبٌ بإزاء الزِّمام فلا حاجة إليه.
ولأنه ستر ظهر القدم وجانبه بما صنع له مما لا حاجة إليه، فهو كما لو ستره بظهر قدم الجُمْجُم وعقبه، وهذا لأن الظهر والعقب يصير بهما بمنزلة المَدَاس، ويصير القدم في مثل الخف، فأشبه ما لو صنع قميصًا مُشكَّكًا (١)، أو لبس خفًّا مخرَّقا، فإنه بمنزلة القميص والخفّ السليمين.
ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباح النعال وأذِنَ فيها، فخرج كلامه على النعال التي يعرفونها، والقيد والعَقَب مُحدَثان يصير بهما النعل شبيهًا بالحذاء؛ كالرداء إذا زرَّره أو خلَّله فإنه يصير كالبَقِير من القُمصان.
وهذا القول مقتضى كلامه، وهو أقيسُ على قول من يمنع المحرم من الجُمْجُم، وهو أتبع للأثر.
(١) في النسختين: «مشكا»، وفي المطبوع: «مشبكًا»، تحريف. والصواب ما أثبته، والمعنى: مخروقًا. يقال: شَكَّ الشيءَ: خرقه. وهو هنا من باب «فَعَّل» للمبالغة، مثل خَرَق وخَرَّق.