للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجوبهما بعد الوجه كما تقدّم.

وإنما تحصل السنَّة بإسباغ كلَّ مرة، فإن لم يُسبغ بالأولى كانت الثانية تمامًا لها. ولهذا جاء عن علي - رضي الله عنه - لمَّا حكى وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخذ غرفةً رابعةً لوجهه (١).

فأما الزيادة على ثلاث سابغات، والزيادة من الماء على قدر الحاجة، فمنهيٌّ عنها (٢)، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثًا ثلاثًا، وقال: "هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدَّى وظلَم" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه (٣).

وعن عبد الله بن عمرو (٤) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بسعد، وهو يتوضأ،


(١) أخرج أحمد (٦٢٥)، وأبو داود (١١٧)، والبزار (٤٦٤) ــ واللفظ له ــ، وابن خزيمة (١٥٣) مختصرًا، وعنه ابن حبان (١٠٨٠)، من طرق عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة، عن عبيد الله الخولاني، عن ابن عباس، عن علي يصف وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه بعد ذكر غسل الوجه ثلاثًا: "ثم أخذ كفًّا من ماء بيده اليمنى فصبها على ناصيته، ثم أرسلها تسيل على وجهه ... " الحديث.

إسناده جيد، وقد صرّح ابن إسحاق بالتحديث في بعض طرقه، ويبقى الشأن في مخالفته لأحاديث الباب الصحيحة في غير ما موضع، ولعله لهذا أعلّه بعض المحدثين، قال الخطابي في "معالم السنن" (١/ ٩٤): "أما هذا الحديث فقد تكلم الناس فيه، قال أبو عيسى: سألت محمد بن إسماعيل عنه فضعفه، وقال: ما أدري ما هذا؟ ". انظر: "الإمام" (١/ ٥٠٦ - ٥٠٧)، "البدر المنير" (٢/ ١١٩ - ١٢١).
(٢) في الأصل: "حدا"، والتصحيح من المطبوع.
(٣) أحمد (٦٦٨٤)، والنسائي (١٤٠)، وابن ماجه (٤٢٢).
وصححه ابن خزيمة (١٧٠)، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/ ٨٣).
(٤) في الأصل: "عبد الله بن عمر"، وهو غلط.