للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما يُصنع على الإبل وغيرها من المراكب لأجل الاستظلال، شَفْعًا كانت أو وَتْرًا، فهذا إذا كان متجافيًا عن رأسه فالمشهور عن أحمد الكراهة. وعنه لا بأس به. ذكرها ابن أبي موسى (١)؛ لأن المنع من الاستظلال والبروز للسماء إنما كان يعتقده بِرًّا أهلُ الجاهلية كما تقدَّم عنهم، وقد ردّ الله ذلك كما تقدّم.

ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى أبا إسرائيل قائمًا في الشمس سأل عنه، فقيل: نذر أن يقوم ولا يتكلم، ولا يستظلَّ، ويصوم، قال: «مُروه فليقعُدْ وليستظِلَّ وليتكلَّمْ، وليُتِمَّ صومَه». رواه البخاري (٢).

فبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الضَّحَى (٣) للشمس مثل الصمت والقيام ليس مشروعًا ولا مسنونًا، ولا بِرَّ فيه.

وأيضًا فليس في المنع منه كتاب ولا سنة ولا إجماع، فوجب أن يبقى على أصل الإباحة.

وأيضًا فإنه يجوز له الاستظلال بالخيمة والسقف والشجر وغير ذلك، وهذا في معناه، ولا يقال: هذه الأشياء المقصودُ بها جمع المتاع، فإنه لو دخل البيت لقصد الاستظلال، أو نصب له خيمة لمجرَّد الاستظلال، جاز بلا تردد.

وقد احتجُّوا على ذلك بما روت أم الحُصَين قالت: حججنا مع رسول


(١) في «الإرشاد» (ص ١٦٦).
(٢) رقم (٦٧٠٤).
(٣) أي البروز للشمس.