للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، فرأيت أسامة وبلالًا، وأحدهما آخذٌ بخِطام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والآخر رافعٌ ثوبَه يستره من الحرِّ، حتى رمى جمرة العقبة. رواه مسلم وأبو داود والنسائي (١)، وعنده أن الآخذ بالخطام بلال، والمظلِّل بالثوب أسامة.

وفي رواية لأحمد (٢): حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته، ومعه بلال وأسامة، أحدهما يقود به، والآخر رافعٌ ثوبه على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُظِلُّه من الشمس، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولًا كثيرًا، ثم سمعته يقول: «إن أُمِّر عليكم عبدٌ مجدَّعٌ ــ حسبتُها قالت ــ أسودُ يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا».

فإن قيل: هذا التظليل إن كان يوم النحر ففيه مستدَلٌّ، وإن كان في أحد أيام منًى فلا حجة فيه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلَّ من إحرامه (٣) يوم النحر، وليس فيه بيان أن ذلك كان يوم النحر، بل فيه ما يُشعِر أنه كان في أيام منى، لأن الجمرة تُرمى أيام منى بعد الزوال حين اشتداد الحرّ، فأما يوم النحر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - رماها ضُحًى، وليس ذلك الوقت للشمس حَرٌّ يحتاج إلى تظليل.

قيل: قد روى ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان إذا رمى الجمار مشى إليها (٤)


(١) مسلم (١٢٩٨/ ٣١٢) وأبو داود (١٨٣٤) والنسائي (٣٠٦٠) وأحمد (٢٧٢٥٩).
(٢) لم أجدها عنده بهذا اللفظ، وهي عند مسلم (١٢٩٨/ ٣١١) باختلاف يسير.
(٣) ق: «حرمه».
(٤) ق: «إليه».