للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفرق بينهما أن هذا الظلّ ليس بتابع للمحرم، ولا ينتقل بانتقاله.

وأيضًا فإنه غير متخَذٍ للدوام، فلا بدَّ معه من الضَّحَى. ويسيرُ الظلِّ في المكان ــ مثل أن يجعل فوقه ما يستر يسيرًا من رأسه ــ مثلُ الزمان.

فأما إذا احتاج للاستظلال من حرٍّ أو بردٍ، فذكر القاضي (١) وابن عقيل أنه يجوز؛ إذا كان هناك عذر من حر أو برد فإنه يجوز، وحملا حديث عثمان وابن عباس على ذلك، وحديث ابن عمر على عدم العذر. ومعنى ذلك عذر يخاف معه من مرض أو أذى، فإنه يبيح التظليل من غير فدية؛ لأن ما كُرِه في الإحرام جاز مع الحاجة، وما أبيح يسيرُه جاز كثيرُه مع الحاجة.

قال أصحابنا القاضي وابن عقيل وغيرهما: فله أن يستظلَّ بثوب ينصِبُه حِيالَه يَقِيه الحرَّ والبردَ، عن يمينه أو عن شماله، أو أمامه أو وراءه، ما لم يكن مظلَّلًا (٢) فوق رأسه كالهَوْدج والعَمَّارية والكنيسة (٣).

وظاهر كلام أحمد أن كل ما منع (٤) وصولَ الشمس إلى رأسه فهو تظليل، سواء كان فوق رأسه (٥)، أو كان من بعض جهاته. وحديث ابن عمر يدُّل عليه.


(١) في «التعليقة» (١/ ٣٦٤).
(٢) في المطبوع: «مظلل» خلاف ما في النسختين.
(٣) في النسختين: «واللبسة» تصحيف. والكنيسة شِبه هودج، يُغرز في المحمل أو في الرحل قُضبان ويُلقى عليه ثوب يستظل به الراكب ويستتر به. انظر «المصباح المنير» (كنس).
(٤) في المطبوع: «مانع» خلاف النسختين.
(٥) بعدها في النسختين: «سواء». وهو تكرار.