للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يسيرًا بعودٍ يرفعه بيده من حرِّ الشمس كان جائزًا، وابن عمر إنما كرهه على الرحل. وذلك لأن ما على الرحل رفاهة محضة، وهو مظنة الطول، فلو شُرِع ذلك لشُرِع اتخاذ الظل.

والثانية: لا بأس به، وهو قول القاضي (١)، وهو ظاهر كلامه في رواية ابن منصور (٢): إلا أن يكون شيئًا يسيرًا باليد، أو ثوبًا يُلقيه على عودٍ.

فأما أن يظلّل بالمحمل ونحوه حال نزوله، فقال القاضي (٣) وابن عقيل: لا فرق بين الراكب والنازل، وإنه إن طال ذلك وكثر افتدى، راكبًا كان أو نازلًا. وإن قلَّ ذلك ولم يكثر فلا فدية عليه، سواء كان راكبًا أم نازلًا.

وفرَّقوا بين ذلك وبين الخيمة والسقف بأن ذلك لا يُقصَد به الترفُّه في البدن في العادة، وإنما يقصد به جمعُ الرحال، وفرّق بين ما يقصد به الظل وغيره، كما فرّق بين من يحمل على رأسه شيئًا أو يخمِّره.

وكلام أحمد يدلّ على الفرق؛ قال في رواية حنبل (٤): لا يستظلُّ على المحمل، ويستظلُّ بالفازة في الأرض والخيمة، وهي (٥) بمنزلة البيت.

وهذا أصح؛ لأن ابن عمر وغيره من الصحابة كانوا يَنْصِبون له الظلَّ المحض في حال النزول، ولأنه لو دخل إلى بيت أو خيمة لمجرّد الاستظلال لجاز.


(١) في «التعليقة» (١/ ٣٦٦).
(٢) الكوسج في «مسائله» (١/ ٥٤٢).
(٣) في «التعليقة» (١/ ٣٦٧).
(٤) سبق ذكرها.
(٥) ق: «في الخيمة والأرض وهو».