للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يُكرَه جنس التظليل، وإنما كُرِه منه ما يفضي إلى الترفُّه والتنعُّم، وهذا إنما يكون فيما يدوم ويتصل.

وقد روي عن إبراهيم قال: كان الأسود إذا اشتدَّ المطر استظلَّ بكساء وهو محرم (١).

وعن عطاء أنه كان يقول: يستظلُّ المحرم من الشمس ويستكنُّ من الريح ومن المطر (٢).

فعلى هذا يجوز الساعةَ ونحوها كما ذكر في رواية الأثرم، فإن في حديث أم الحصين أنه ظُلِّل عليه في حال مسيره ورميه وخطبته. والذي يدلُّ على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما استباح يسيرَ التظليل: أنه في سائر الأيام كان يسيرُ، ولم يَنْصِب له على رَحْله (٣) شيئًا يستظلُّ به، ولو كان جائزًا لفعله لحاجته إليه.

ثم إن استظلَّ بثوب يمسكه بيده أو بيد غيره، أو وضع الثوب على عودٍ يمسك العود بيده أو بيد غيره= جاز.

وإن استظلَّ يسيرًا في محمل، أو بثوب موضوع على عودٍ (٤) على المحمل ونحو ذلك مما لا مؤونةَ فيه، ففيه روايتان:

إحداهما: يُكره ذلك، وهذا هو الذي ذكره في رواية الأثرم، قال: إذا


(١) عزاه في «القِرى» (ص ١٩٩) إلى سعيد بن منصور، وقد أخرج ابن أبي شيبة (١٤٤٧٢) عن إبراهيم أنه أفتى بجواز ذلك.
(٢) عزاه في «القِرى» (ص ١٩٩) إلى سعيد. وأخرجه ابن أبي شيبة (١٤٤٦٤) بنحوه.
(٣) ق: «راحلته».
(٤) في المطبوع: «عمود» تحريف.