للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالمحرم يشمُّ الريحان؟ قال: يتوقَّاه أحبُّ إليّ، قلت: فالطيب؟ قال: أما الطيب فلا يقربه، والريحان ليس مثل الطيب، قلت: فيشرب دواء؟ قال: لا بأس إذا لم يكن فيه طيب.

وذلك لأنه ذو رائحة طيبة يتخذ لها، فحرم شمُّه كالمسك وغيره، بل أولى، لأن المسك ونحوه يُتطيَّب به بجعله في البدن والثوب، وأما هذا فإنما منفعته شمُّه مع انفصاله، إذ لا يعلَقُ بالبدن والثوب، وفيه من الاستمتاع والترفُّه ما قد يزيد على شمِّ الزعفران والورس. ولأن الورس والزعفران من جملة النبات (١) وإن تُطيِّب بها، وقد جعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - طيبًا، فألحقت سائر النباتات به.

وقد روى الشافعي (٢) عن جابر أنه سئل: أيشمُّ المحرم الريحان والدهن والطيب؟ فقال: لا.

وروى الأثرم عن عمر (٣): أنه كان يكره شمَّ الريحان للمحرم.

ووجه الأول: أنه لا يُتطيَّب به، فلم يُكرَه شمُّه كالفاكهة والنبات البرّي، وذلك لأنه لو كان نفس اشتمام الريح مكروهًا لم يفرق بين ما يُنبِته الله أو يُنبِته الآدميون، ولا بين ما يُقصد به الريح والطعم أو يُقصد به الريح فقط.


(١) في المطبوع: «النباتات» خلاف النسختين.
(٢) في «الأم» (٣/ ٣٨٠). وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (١٤٨٢٨) والبيهقي (٥/ ٥٧) وإسناده صحيح.
(٣) كذا في النسختين و «التعليقة» (١/ ٣٩٧). أُرى ــ والله أعلم ــ أن الصواب: «ابن عمر» كما سبق في الصفحة السابقة.