للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكذلك هذه الدوابّ التي تُشبِه السباع ونحوها من المحرمات، وتُشبِه البهائم المباحة: يحرم على المحرم قتلُها ويَدِيْها كالمأكول، ولا يؤكل لحمها [ق ٢٥٨] كالسباع.

وعلى طريقة أبي بكر وغيره فجميع الدوابّ المحرّمة إذا لم تُودَ: روايتان كالسنَّور الأهلي.

فوجه الأول: أن الله سبحانه قال: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} بعد قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ}.

فلما أباح صيد البحر مطلقًا، وحرَّم صيد البر ما دمنا محرمين= عُلِم أن الصيد المحرَّم بالإحرام هو ما أبيح في الإحلال؛ لأنه علّق تحريمه بالإحرام، وما هو محرَّم في نفسه لا يعلَّق تحريمه بالإحرام، فعُلِم أن صيد البرِّ مباح بعد الإحلال، كما نصّه في قوله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢]، وكذلك قوله: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ١]، فإنه يقتضي إبانة إحلاله ونحن حلال.

وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمَّار قال: سألت جابر بن عبد الله: آلضبع آكلُها؟ قال: نعم. قلت: أصيدٌ هي؟ قال: نعم، قلت (١): سمعتَ ذاك من نبي الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. رواه ... (٢).

فلولا أن الصيد عندهم هو الذي يؤكل لم يسأل: أصيدٌ هي أم لا؟ ولولا


(١) في النسختين: «قال». والتصويب من «المسند».
(٢) بياض في النسختين، والحديث أخرجه أحمد (١٤٤٢٥) وأبو داود (٣٨٠١) والترمذي (٨٥١، ١٧٩١) والنسائي (٢٨٣٦، ٤٣٢٣) وابن ماجه (٣٠٨٥، ٣٢٣٦) وابن خزيمة (٢٦٤٥) وابن حبان (٣٩٦٥). قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» ونقل في «العلل الكبير» (ص ٣٢٠) عن شيخه الإمام البخاري أنه قال: «هو حديث صحيح».