للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}، فالمقصود من التحريم: استحياء الصيد واستبقاؤه من المحرمين، وأن لا يتعرَّضوا له بأذى، ولهذا إذا قتلوه حرم عليهم وعلى غيرهم، قطعًا لطمع الانتفاع به إذا قتله المحرم بوجه من الوجوه، فإذا كان الحلال هو الذي قد صاده كما أباحه الله له وذكَّاه لم يقع شيء من الفعل المكروه، فلا وجه للتحريم على المحرم. وخرج على هذا ما إذا كان قصد الحلال اصطياده للحرام، فإن المحرم صار له سبب في قتل الصيد وإن لم يقصده، فإذا علم الحلال أن ما صاده الحلال (١) لا يحل، كفَّ الحلال عن الاصطياد لأجل الحرام، فلم يبقَ للمحرم سببٌ في قتله بوجه من الوجوه، وصار وجود المحرم في قتل الصيد كعدمه.

الثاني: أن الصيد اسم للحيوان الذي يُصاد، وهذا إنما يتناوله إذا كان حيًّا، فأما بعد الموت فلم يُصَدْ، فإذا صاد المحرم الصيد وأكله، فقد أكل لحم الصيد وهو محرم، أما إذا كان قد صِيْد قبل إحرامه، أو صاده حلالٌ لنفسه ثم جاء به قَدِيدًا أو شِواءً أو قَدِيرًا، فلم يعترض المحرم لصيد البر، وإنما تعرض لطعامه، وقد فرَّق الله بين صيد البحر وطعامه، فعلم أن الصيد هو ما اصطِيدَ منه، والطعام ما لم يُصْطَدْ منه، إما لكونه قد طفا أو لكونه قد ملُح، ثم إنما حُرِّم على المحرم صيد البر خاصة دون طعام صيد، فعُلِم أنه إنما حرم ما اصطيد في حال الإحرام.

فإذا كان قد اصطاده هو أو اصطيد (٢) لأجله فقد صار للمحرم سببٌ في


(١) كذا في النسختين، وكتب في هامشهما: «لعله للحرام».
(٢) في المطبوع: «صيد» خلاف النسختين.