للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهؤلاء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوجبوا عليه القضاء والبدنة جميعًا. والهدي الذي فسَّروه هنا يبيِّن الهدي المطلق الذي جاء في كلامهم، وفي المرفوع المرسل: أن المراد به البدنة.

وهذا لأن الجماع فيه معنيان: أنه محظور في الإحرام وهو أكبر المحظورات، وأنه مفسد (١) للإحرام. فمن حيث هو محظور: يوجب الفدية، وهو أكبر مما يوجب شاة، فأوجب بدنة، ومن حيث فسد الإحرام: وجب قضاؤه، فحجة القضاء هي الحجة التي التزمها أولًا. وهذا كالوطء في رمضان يوجب الكفارة العظمى ويوجب القضاء.

وإنما لم يُفرَّق بين ما قبل الوقوف وما بعده لأن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئلوا عن المحرم إذا جامع امرأته، فأفتوا بما ذكرناه من غير استفصال ولا تفصيل، وذلك يوجب عموم الحكم. وفي أكثر مسائلهم لم يبيِّن السائل أن الجماع كان قبل الوقوف. ولأن ما بعد الوقوف وقبل الرمي إحرام تامّ، ففسد الحج بالوطء فيه كما قبل الوقوف، وهذا لأن الوقوف يوجب إدراك الحج ويؤمن من فواته، وإدراكُ العبادة في وقتها لا يمنع ورودَ الفساد عليها، كما لو أدرك ركعة من الصلاة قبل خروج وقتها، أو أدرك ركعة من الجمعة أو الجماعة مع الإمام، فإنه قد أدرك، ومع هذا فلو ورد عليها الفساد لفسدت. قال: .... (٢). ولأن كل ما [ق ٢٨٠] أفسد العبادة إذا ورد قبل الخروج منها أفسدها، وإن كان قد مضى معظمها، كما لو أكل قُبيل غروب الشمس، أو أحدث قبل السلام أو قبل القعدة الأخيرة.


(١) في النسختين: «يفسد».
(٢) بياض في النسختين.