للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النجّاد (١) عن عكرمة عن ابن عباس من غير شك.

فإذا اختلف الصحابة على قولين، أحدهما إيجاب حج كامل، والثاني إيجاب عمرة، لم يجز الخروجُ عنهما والاجتزاءُ بدون ذلك. ولا يُعرف في الصحابة من قال بخلاف هذين، وقد تقدَّم أنه لا يفسد جميع الحجة، فبقي قول ابن عباس.

وأيضًا فإنه كان قد بقي عليه من الحج أن يُفيض من منى إلى مكة، فيطوف طواف الإفاضة، ويسعى معه إن كان لم يسعَ أولًا فيما بقي عليه من إحرامه، وهو الإحرام من النساء خاصة. فإذا وطئ فقد فسد هذا الإحرام، فإن ما يُفسِد الإحرام الكامل يُفسِد الإحرام الناقص بطريق الأولى. ولو لم يجب عليه استبقاء الإحرام من النساء إلى تمام الإفاضة لجاز الوطء قبلها، وهو غير جائز بالسنة والإجماع. فإذا فسد ما بقي من الإحرام: فلو جاز أن يكتفي به لجاز الاكتفاء بالإحرام الفاسد عن الصحيح ولَوَقعت الإفاضة وطوافها في غير إحرام صحيح، وهذا غير مُجزئ، وإذا وجب أن يأتي بإحرام صحيح فلا بدّ أن يخرج إلى الحلّ، ليجمع في إحرامه بين الحلّ والحرم.

ثم اختلف أصحابنا في صفة ما يفعل: فمنهم من أطلق القول بأن عليه عمرة، يخرج إلى التنعيم، فيهلُّ بها على لفظ المنقول عن ابن عباس وأحمد.

وقال الخرقي (٢): يمضي إلى التنعيم فيحرم ليطوف وهو محرم. وكذلك قال ابن أبي موسى (٣): ويخرجان إلى التنعيم فيحرمان بعمرة،


(١) عزاه إليه القاضي في «التعليقة» (٢/ ٢٣٤).
(٢) في «مختصره» مع «المغني» (٥/ ٣٧٤).
(٣) في «الإرشاد» (ص ١٧٦).