للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوقات متفرقةٍ لسُؤَّالٍ (١) شتَّى، ليس فيها استفصالٌ للسائل هل فعلتَ هذا عالمًا أو جاهلًا، عامدًا أو ناسيًا، ولا تفصيلٌ في الجواب بين مجامع ومجامع، مع ظهور الاحتمال في كون المجامع ناسيًا أو جاهلًا (٢)، ولو في بعض تلك الوقائع؛ فإن المسلم الذي قد أمَّ بيت الله وهو معظِّم لحرماته إذا وقع منه الجماع: فوقوعه منه لعدم علمه بتحريمه، أو اعتقادِه زوالَ الإحرام، أو نسيانِه أنه محرِم= أظهرُ من وقوعه منه عالمًا بأنه مُحرِم ذاكرًا لإحرامه، لا سيما والعهد قريب، والدين غَضٌّ، والسابقون الأولون بين ظهرانيهم. وقد يظهر هذا الاحتمال في مثل الذي واقعَ امرأته بعد السعي قبل التقصير، فإنه موضع شبهة، قد اعتقد جماعة من العلماء جواز ذلك. ويؤيد ظهورَه في تلك الوقائع أنه لم يُنقَل فيها توبيخٌ للمجامع، وتقريعٌ له، وإكبارٌ لما فعله، وإعظامٌ له؛ مع أن جماع المحرم من الذنوب الشديدة، وهو انتهاك للحرمة، وتعدٍّ للحدود، ولولا استشعار المفتين نوعَ عذرٍ للسُّؤَّال لأغلظوا لهم في الكلام.

وأيضًا ما احتج به أحمد، وهو أن الجماع أمر قد وقع واستقر فلا يمكن ردُّه وتلافيه بقطعه أو إزالته (٣)، فصار مثل الإتلافات من (٤) قتل الصيد وحلق الشعر، حيث لا يمكن ردُّ التالف (٥) ولا إعادته. وعكسه الطيب


(١) في النسختين والمطبوع: «لسؤل». والصواب ما أثبت، وهو جمع «سائل» كما في «تاج العروس» (سأل). وسيأتي على الصواب قريبًا.
(٢) «عامدًا ... أو جاهلًا» ساقطة من المطبوع.
(٣) في المطبوع: «وإزالة».
(٤) في المطبوع: «مثل».
(٥) في المطبوع: «التلف».