للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا وقع في الإحرام الذي هو أغلظ العبادات ولم يكن له أثر، كان إخراجًا له عن حقيقته ومقتضاه، لاسيما والمُحرِم معه من العلامات على إحرامه ما يذكِّره بحاله، ويزجره عن مواقعة هذا المحظور.

وأيضًا فإن إفساده للإحرام من باب خطاب الوضع والإخبار، الذي هو ترتيب الأحكام على الأسباب.

وقد دلَّت السنة والإجماع على أن الجماع محرم، وأنه يُفسِد الإحرام، ويوجب القضاء والهدي. فإذا فعله ناسيًا أو جاهلًا كان ذلك عذرًا في الذم والعقاب اللذين هما من [ق ٢٨٦] توابع المعصية للأمر (١) والنهي. أما جعْلُ ذلك مانعًا من إفساد الحج وإيجاب القضاء والهدي فلا بدّ له من دليل، فإن ما كان من باب ترتيب الأحكام على الأسباب لا يؤثر فيه هذا إلا بدليل. وأكثرُ الأصول التي يقع فيها الفساد ويجب القضاء إذا وُجِد المفسد مع العذر، فمن ذلك الطهارة فإنها تفسد بوجود مفسداتها عمدًا وسهوًا، والصلاة تبطل بوجود العمل الكثير عمدًا وسهوًا، و (٢) بمرور القاطع بين يديه عمدًا وسهوًا، وفي الكلام والأكل خلاف معروف. وكذلك ملك النكاح ما يطرأ عليه فيفسده من صِهر ورضاع وغيرهما، لا فرق بين [العمد والسهو] ... (٣) وملك الأموال.

وموجبات الكفارات في غالب الأمر توجبها مع العمد والسهو، ككفارة القتل والظهار وترك واجبات الحج. والحج قد يغلُظ على غيره، فإلحاقه بأكثر الأصول أولى من إلحاقه بأقلّها، ثم لم يجئ أصلٌ في ذلك إلا في


(١) في النسختين: «الأمر». وفي هامش ق: «لعله للأمر».
(٢) في المطبوع: «أو».
(٣) هنا بياض في النسختين.