للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يحلُّ من شيء حَرُم منه حتى يقضي حجَّه». متفق عليهما (١).

فقد بيَّن - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يحلُّ حتى يحلَّ نحْرُ الهدي، وبيَّن أنه لا يحلُّ حتى يقضيَ حجه، فعُلِم أنه لا يحلُّ نحرُ الهدي الذي ساقه ويبلغ محلَّه حتى يقضي حجه. فهديُه الذي لم يسُقْه بطريق الأولى.

ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى جميع من معه هديٌ من متمتع ومفرد وقارن أن يحلُّوا إلى يوم النحر، وبيَّن أنه إنما منعَهم من الإحلال الهديُ الذي [معهم] (٢)، وكذلك أخبر عن نفسه أنه لا يحلُّ حتى ينحر، وحتى يبلغ الهدي محلَّه، ولو كان الذبح جائزًا قبل يوم النحر لنحروا وحلُّوا، ولم يكن الهدي مانعًا من الإحلال قبل يوم النحر إذا كان ذبحه جائزًا، وهذا بيّنٌ في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - المستفيضة عنه.

ولأن عامة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع كانوا متمتعين، حلُّوا من إحرامهم لما طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ولم ينحروا إلا يوم النحر، وذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه يوم النحر وكنَّ متمتعاتٍ، وقد قال: «لتأخذوا عني مناسككم» (٣). فلو كان الذبح قبل النحر جائزًا لفعله بعض المسلمين، أو أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لاسيما والمبادرة إلى إبراء الذمة أولى من التأخُّر (٤).


(١) أخرجه البخاري (١٦٩١) ومسلم (١٢٢٧) من حديث ابن عمر. وأخرج البخاري (٣١٩) ومسلم (١٢١١) نحوه من حديث عائشة.
(٢) ما بين المعكوفتين من هامش ق.
(٣) أخرجه مسلم (١٢٩٧) من حديث جابر بن عبد الله.
(٤) في المطبوع: «التأخير» خلاف النسختين.