للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحج. على أن قوله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ} يجوز أن يكون معناه: فمن أراد التمتع بالعمرة إلى الحج، كما قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: ٩٨]، و {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦]، {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] أي يريدون العود ... (١).

وأما قوله: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} فقد قال قوم: أي في حال الحج، ويكون نفس إحرام الحج ظرفًا ووعاءً للصوم، كما يقال: دعا في صلاته، وتكلَّم في صلاته، ولبَّى في حجه، وتمضمض في وضوئه، وهذا لأن الأزمنة لما كانت تحوي الأفعالَ وتشملُها فالفعل قد يحوي فعلًا آخر.

وقال أصحابنا (٢): فصيام ثلاثة أيام في وقت الحج؛ لأن الفعل لا يكون ظرفًا للفعل إلا على سبيل التجوُّز مع تقدير الزمان. ولهذا قال أهل الإعراب: إن العرب تجعل المصادر [ظروفًا] (٣) أحيانًا على سبيل التوسع، إما على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، فيكون المحذوف مقدّرًا، وإما على تضمين الفعلِ الزمانَ لاستلزامه إياه، فيكون الزمان مضمَّنًا.

قالوا: وإذا كان المعنى: فصيام ثلاثة أيام في وقت الحج، فالحج شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة، وكلام أحمد يشير إلى هذا الوجه، ويؤيِّد


(١) بياض في النسختين.
(٢) انظر «التعليقة» (١/ ٢٨٥).
(٣) زيادة لازمة ليستقيم السياق، نحو: آتيك طلوعَ الشمس، أي وقتَ طلوعها. قال ابن مالك في «الألفية»:
وقد ينوب عن مكانٍ مصدرُ ... وذاك في ظرف الزمان يكثر