للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أحرم يوم التروية فإنه يحتاج أن يصوم يومًا من الثلاثة قبل الإحرام بالحج، بل يومين؛ لأن يوم التروية إنما أحرموا نهارًا وقد أنشأوا الصوم قبل الإحرام، ولو لم يجز الصوم قبل الإحرام بالحج لوجب تقديم الإحرام بالحج قبل أن يطلع فجر اليوم السابع، والصحابة لم يفعلوه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرهم به، بل أمرهم بخلافه، ولهذا لم يختلف نصُّ أحمد في هذه الصورة.

ثم إن قيل: ... (١)، وإن قيل: يجوز قبل الإحرام بالعمرة، فيحمل (٢) قوله «في الحج» على أن المراد أشهر الحج.

وأما وجه المشهور: فإنه إذا أحرم بالعمرة فقد انعقد سبب الوجوب في حقِّه، ودخل في التمتع، بدليل أنه لو ساق معه هديًا (٣) لمنعه الهديُ من الإحلال.

فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}، وهذا يقتضي وقوع الصيام بعد الإحرام بالحج؛ لأنه إنما يكون متمتعًا بالعمرة إلى الحج إذا أحرم به، ولأنه قال: «في الحج» فإذا صام قبله لم يجز.

قلنا: هو ينوي التمتع ويعتقده (٤) من حين يُحرِم بالعمرة، ويُسمَّى متمتعًا من حينئذٍ، ويقال: قد تمتع بالعمرة إلى الحج، كما يقال: أفرد الحج، وقرنَ بين العمرة والحج، وهذا كثير في الكلام المقبول. ولو لم يكن متمتعًا إلى أن يحرم بالحج، فليس في الآية أن الصوم بعد كونه متمتعًا، وإنما في الآية أن يصوم في


(١) بياض في النسختين.
(٢) تكرر بعدها في المطبوع: «بالعمرة فيحمل».
(٣) في النسختين: «الهدي معه». والمثبت من هامشهما بعلامة ص.
(٤) في المطبوع: «ويعتمده» خطأ.