للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرواية؛ لأنه قد نص على جواز صومها قبل الإحرام بالحج إذا كان في أشهر الحج، ولم يُجِز صومَها من حين الإحرام بالعمرة، بل قد كره أن يصوم قبل أن يقدم مكة، لأنه يكون حينئذٍ معتمرًا لا حاجًّا، ويحتمل أنه إنما كره ذلك كراهة تنزيه لأنه مسافر، والصوم للمسافر مكروه عنده في إحدى الروايتين.

وقال في رواية صالح (١): كان ابن عمر وعائشة يقولان: يصوم المتمتع حين يهلّ، فإن فاته صام أيام التشريق (٢).

وذلك لما روى ابن عمر وعائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة قال للناس: «من كان منكم أهدى فإنه لا يحلُّ من شيء حرم منه حتى يقضي حجَّه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطُفْ بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصِّر وليحلِلْ، ثم ليُهِلَّ بالحج وليُهْدِ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله». متفق عليه (٣).

وقد تقدَّمت الأحاديث أن عامة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا متمتعين في حجة الوداع، وأنهم إنما (٤) أحرموا بالحج يوم التروية حين ذهبوا إلى منى، ولم يستثنِ واحد منهم أنه أحرم قبل ذلك؛ وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه كلهم إذا خرجوا إلى منى أن يحرموا بالحج، ولم يأمر أحدًا منهم بتقديم إحرامه بالحج، مع علمه بأنهم متمتعون وأن كثيرًا منهم لا يجد الهدي، ولهذا بيَّن لهم حكم من يجد الهدي ومن لا يجده.


(١) «مسائله» (٣/ ٥٦).
(٢) أخرجه عنهما مالك (١/ ٤٢٦) ومن طريقه البخاري (١٩٩٩).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) «إنما» ساقطة من ق.