للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أن هذا الاختلاف لا يرجع إلى اختلاف في الحكم، وذلك لأن المواقيت كلَّها بينها وبين مكة مسافة القصر؛ فإن ذا الحليفة بينها وبين مكة عشر مراحل من ناحية الساحل، والجحفة بينها وبين مكة ثلاثة أيام، وسائر المواقيت بينها وبين مكة يومان قاصدان. فكل من خرج إلى ميقات فقد خرج إلى مسافة القصر، وقد يخرج إلى مسافة القصر من ناحية المدينة والشام، ولا يصل إلى الميقات. فإذن كلا (١) الطريقين جيدة، وإن كان الضابط في الحقيقة (٢) السفر إلى مسافة القصر.

لكن من اعتقد في المسألة روايتين [و] توهَّم أنه يخرج إلى الميقات من لا يبلغ مسافة القصر، ليجعل المسألة على روايتين، أو تناول كلام أحمد في بعض المواضع، أو يقول: إنه لا يسقط عنه دم (٣) المتعة بالخروج إلى ميقاته، أو يعتقد أن كلًّا منهما شرط (٤) على انفراده= فقد غلط غلطًا مستنده عدم العلم بالمسافة، وهذا واقع (٥) في كلام طائفة من أصحابنا، وهو مخالفة واضحة لكلام أحمد؛ فإنه قد نصّ على أن الخروج إلى الميقات مُسقِط من غير تقييد، وهو جهلٌ (٦) بمسافات المواقيت.

وإنما اعتبره أحمد لأنه إذا سافر بعد العمرة إلى مسافة القصر فأحرم


(١) كذا في النسختين بدل «كلتا». وهذا من الأسلوب المعروف للمؤلف فيما وصل إلينا بخطه. انظر «جامع المسائل» (٢/ ٢٠٥).
(٢) في المطبوع: «الخفين» تحريف.
(٣) «دم» ساقطة من المطبوع.
(٤) في النسختين: «شرطا».
(٥) س: «وقع».
(٦) «وهو جهل» ساقطة من المطبوع.