للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهذا الاسم إلا نفس قُزَح، وإياه عنى جابر بقوله في حديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثم ركب القصواءَ حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا الله وكبَّره وهلَّله ووحَّده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا، فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضلَ بن عباس». رواه مسلم (١).

وكثير (٢) ما يجيء في الحديث المشعر الحرام يُعنَى به نفس قُزَح. وأما في عرف الفقهاء فهو غالب عليه، ونسبة هذا الجبل إلى مزدلفة كنسبة جبل الرحمة إلى عرفة.

إذا تبيَّن هذا فإن السنة أن يقف الناس غداةَ جَمْعٍ بالمزدلفة، يذكرون الله سبحانه ويدعونه ــ كما صنعوا بعرفات ــ إلى قبيل طلوع الشمس؛ وهو موقف عظيم ومشهد كريم، وهو تمام للوقوف بعرفة، وبه تُجاب المسائل التي توقفتْ بعرفة، كالطواف بين الصفا والمروة مع الطواف بالبيت وأوكد، قال الله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨]، ووقف النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه بالناس.

وقد روى عباس بن مرداس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة، فأجيب: قد غفرتُ لهم ما خلا المظالم، فإني آخُذُ للمظلوم منه، قال: أي ربي (٣)، إن شئتَ أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم، فلم يُجَب عشية عرفة، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل،


(١) رقم (١٢١٨).
(٢) في المطبوع: «وكثيرًا» خلاف النسختين.
(٣) ق: «ربّ». وليس فيها «أي».