للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزمن الذي أضفتَ (١) إليه الفعل، فلا بدَّ من أن يكون الفعل موجودًا في ذلك الزمان، وإلا خرجت عن أن تكون ظرفًا.

ومعلوم أن الإفاضة من عرفات من أفعال العباد، فالإخبار عن وجودها يكون أمرًا حَتْمًا بإيجادها، نحو أن يترك بعض الناس وكلهم (٢) الإفاضة، وصار هذا بمنزلة: إذا صلّيتَ الظهر فافعلْ كذا.

وقوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} الآية [البقرة: ١٩٩]، قالت عائشة: كانت قريش ومن دانَ دِينَها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يُسمَّون الحُمْسَ، وكان سائر العرب يقفون بعرفة، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيَّه أن يأتي عرفات فيقفَ بها، ثم يُفيضَ منها، فذلك قوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (٣).

وفي لفظ (٤): «قالت: الحُمْسُ هم الذين أنزل الله فيهم: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}. قالت: كان الناس يُفيضون من عرفات، وكان الحُمْسُ يُفيضون من المزدلفة، يقولون: لا نُفيض إلا من الحرم، فلما نزلت: {أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} رجعوا إلى عرفات». متفق عليه.

وعن جُبير بن مُطعِم قال: أَضللتُ بعيرًا لي، فذهبت أطلبه يوم عرفة،


(١) في المطبوع: «أضيف» خلاف النسختين.
(٢) كذا في النسختين بالواو، وفي هامش ق: لعله «أو». وفي العبارة غموض. ولعل «نحو أن» مصحفة عن «دون أن»، أي لا يترك الناس الإفاضة، فهي واقعة لا محالة.
(٣) أخرجه البخاري (٤٥٢٠) ومسلم (١٢١٩/ ١٥١).
(٤) عند مسلم (١٢١٩/ ١٥٢). ونحوه عند البخاري (١٦٦٥).